توبة ساقطة

0



في ليلةٍ شتويَّةٍ غازَلتُها
 

عانَقتُها قبّلتُها
 

فتهالكتْ كأرقِّ أنثى عرفتُها
 

فَغَمَزتُها 
 

و دَعَوتُها هَمسَاً : "هَلمِّي
 

و ذَهَبْتُ نَحْوَ الغُرفَةِ الظَّلماءْ
 

أتلمَّسُ البابَ العتيدْ
 

و أضَفْتُ للقِنْدِيلِ زَيتاً
 

 فاسْتَنَارَتْ غُرفَتي
 

فرأيتُها وَرَقاً يَشُعُّ
 

و جَاءَ شَيطَانُ القَصيدْ 
 

ثمَّ أسْدَلتُ السَّتارْ
 

و قَد بَدا نَجمٌ فَقُلتُ
 

 ألا كذا ليلُ السِّرار 
 

و أخفَقَتْ في خَلعِ مِعطَفِها
 

فرأيتُها عذراءَ في ليلِ الزّفافْ
 

دَخَلتْ تَوجَّسُ خِيفَةً بِحَيائِها
 

لا أدريلِمْ تَصّنّعُ اليومَ العَفَافْ
 

هيا هلمِّي حبيبتي
 

هيا هلمِّي للفِرَاشْ
 

و بكُلّ لُطفٍ
 

رُحتُ أُوصِدُ بابَها
 

فتعلّقتْ بالثّوبِ ثوبي
 

ثم قالت :
 

"لا ...  رجوتُكَ
 

دعه مفتوحاً
 

فعلَّ الذنبَ ذنبي
 

أن يكونَ أقلَّ إذا فَتَحْتَ البَابْ
 

فَسَمِعْتُ نَبْرَتَها فَلَمْ
 

أعْهَدْ زُبيدَةَ أنْ تَكلَّمَ
 

في الثّوابِ و في العِقابْ
 

في الذّنوبِ و في الحِسابْ
 

ثم راجَعْتُ السُّؤالْ
 

فقلتُ في نفسي : " تُرى ...
 

في فتحِ بابٍ هل تُرى
تُمسِي الكَبيرَةُ كالّلمَم ؟!"
 

فضحكتُبل و افترَّ ثغري :
 

"ويحَ  أُمَّكِ يا زبيدةُ
 

 أنتِ مازحةٌ وربِّي
 

عانَقََتْنيثُمّ صارَتْ ترتجي
 

تُقْسِمْ و تَبكي
 

فالتفتُّ مُعاتِباً :
 

"أزبيدُ يكفي ذا المُزَاحْ
 

هيا هلُمِّي
 

علَّ الكؤوسَ إذا أرنَّتْ سَمْعَنَا
 

 فاحتْ أهَازِيجُ  الخِطَابْ
 

علَّ الشرابَ إذا تَسَرَّى في العُروقِ
 

طربتِ ثمَّ نَسيتِ ما لونُ العِقَابْ
 

أمْسَكتُ أقداحَ المُدامْ
 

:"زبيدةٌ اليَومَ تنوي
 

أنْ تُغيِّرَ في لياليها الرَّتابَة
 

و هي رَاحَتْ كي تُمثِّلَ
 

دورَ غانيةٍ تتوب."

كِدتُ أرقُصُ

 

كم طَرِبتُ
 

و خلتُها مثلي طَروبْ
 

رُحتُ أسكُبْ ثمَّ أشربْ
 

ثمَّ أسكبْ ...
 

كأسُها لم تمتَلِئ
 

لكنَّ شيئاً كالمُدامَةِ
 

 فوق ظهري ينسَكِبْ
 

انْتَفَضَتْ زُبيدُ فُجاءةً
 

رَمَتِ الكؤوسَ
 

تحطَّمتْ
 

فذُهلتُ
 

لم أدرِ
 

 أذاكَ تَتِمَّةُ الدَّورِ الجديد؟!
 

شَهَقَتْ تُهَرْوِلُ للفِناء
 

فتَبِعْتُها متوجساً
 

: "أزُبيدُ !..."
 

لا
 

لم يبدُ لي صوتاً كأصواتِ الغِنَاء
 

:" أزُبيدُ ... حِبِّي ما دَهَاكِ؟!
 

عَلامَ أنتِ حزينةٌ ؟!
 

بل ما عَرَاكِ؟!
 

أم ادَّكرتِ الغَابةَ السّوداء ؟!..
 

أصواتَ الثّعالبِ
 

و الفَحيحَ مع العِواء؟!
 

حيَّرتِني...
 

أرْهَقتِني ...
 

عذّبتِني
 

يا ربِّ ما هذا البلاء. !"
 

قالتْ : " كذلك نحنُ
 

لا نرجو الإله
 

إلاَّ بِحَربٍ
 

أو خُطُوبٍ
 

أو وَبَاءْ
 

ها إنَّني اليومَ التجأتُ ببابِه
 

و قدِ اعتَصَمْتُ بحبلِه
 

فاشهدْ على تَوبي و أَوبي
 

و استقِمْ مِثلي ...
 

فإنِّي قلتُ ربِّي واستقمتْ
 

إليكَ عنِّي ...
 

ثُمّ قامتْ للشَّرابِ فأهرقتْ
 

نَزَعَتْ سِتَارَ نوافِذِي
 

فَتَحجَّبَتْ
 

و تَجَلبَبَتْ
 

و تَخمَّرَتْ
 

قالتْ : "سـلام.."

 

***


مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه