أيام الطفولة

0


في الطُّفولةِ كُنتُ ربَّ الشِّعرِ
سيِّدَه و مالكَ أمرِهِ
في هيئةِ التَّأليفِ و التَّصنيفِ
و بجامعاتِ الشّعرِ و النّثرِ
المُعاصِرِ و القديمِ
أو الرّديف
كنتُ المُدير
و ببعضِها كنتُ المُدرِّسَ و الممَنهِجَ
في كلِّ المراحل
و لبعضِها كنتُ المؤسِّسَ
و المُهندِسَ و المبرمِجَ
***
في الطُّفولةِ
كنتُ أستاذاً قديراً
أعصُرُ الخمرَ من ضِرعِ السَّحاب
كنتُ أستاذاً قديراً
في الفنونِ جميعِها
 كنتُ مُحتالاً بريئاً في الشّجونِ
شرائِها و مَبيعِها
كنتُ ذِئباً أبيضاً
كنتُ نشّالاً جريئاً هاوياً
أهوى استراقَ الشِّعرِ من خَصْرِ النِّساءْ
و أحبُّ لون الطُّهرِ في ثدي النِّساءْ
و أحبُّ ذودَ العِهْرِ عن كلِّ النساءْ
***
في الطُّفولةِ
كنتُ عُصفوراً صَغيراً
كنتُ سِنَّوراً كبيراً
كنتُ زناراً مُثيراً
قد تَهادتْهُ النِّساءْ
***
في الطفولةِ
كنتُ في لندن
ألفُّ التبغَ مع مَرقِ الحشيش
بل رُحتُ في صَنعاءَ
في بيروتَ
أهوى عصيرَ القاتِ مع
كأسٍ معتَّقةِ النبيذْ
بل كنتُ أقفزُ كالعذارى
فوقَ أثداءِ النساء
لا لم أكن أهوى التراكضَ في الحواري
و الأزقّةِ
مع رفاقي
صِبيةٍ بالوهمِ أو بالطيش
***
في الطفولةِ
كنتُ فوقَ الفُرشِ
سبعاً ضارياً
أهوى مُطارَدَةَ الفريسةِ
في البراري
في الظَّهيرةِ و المساءْ
كنتُ سَبّاحاً شهيراً
كنت خيَّالاً و زيراً
كنت أركبُ حتى أفراسَ الملوك
بل كنتُ كالحبْلِ المُرَخّى
قد يلُفُ الأرضَ و الأطوادَ لكن
يبقى مُرخَى
في الطُّفولةِ يا ربى
لا لَمْ أكنْ طفلاً كأطفالِ الهوى
بل كنتُ نسراً
يعتلي كلّ المباني و الصُّروحْ
أو يحلِّقُ فوق غاباتِ التعهُّرِ و البِغاءْ
أو يُحمْلِقُ تحتَ بُستانِ الطَّهارةِ و النقاءْ
قد كنتُ طفلاً
أركبُ الأمواجَ لا أخشى الغَرَق
***
في الطُّفولةِ يا ربى
أهديتِني عطراً جميلاً
ليس مثلَ عُطورِ روما أو فرنسا
بعد الهديةِ يا ربى
صرتُ أفقهُ كلّ شيء
صرتُ أعرفُ كلَّ شيء
صرتُ أعلمُ كلّ شيء
قد كنتُ مجنوناً بحبِّك
كنتُ مُحتاجاً فقيراً
كنتُ مُختالاً ثريَّاً
لكنَّني أمسيتُ أهذي غارقاً
ما بينَ أثداءِ النساءْ
وبقيتُ لحظَكِ سارقاً
و أنا على نهدِ النساءْ
في الطُّفولةِ...
يا ليتني ما عشتُ أيامَ الطُّفولة
أو ليتَ أني كالمسيحْ
في المهدِ راحَ مُكلِّماً للناس
ثُمَّ راح في الصّحرا يسيحْ
***
في الطُّفولةِ
كنتُ ربَّ الشِّعرِ
سيدَه و مالكَ أمرِه
فأتيتِ عذراءً
رأيتُكِ ساحرة وَسَطَ السَّرابْ
و حقيقةً كنتِ الملاكَ على الضّبابْ

***





مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه